قضى عبد الرحمان بلادي، الذي تجاوز عقده الثامن، أزيد من 60 سنة كسائق مهني في أصناف نقل الأشخاص والبضائع من دون أن يرتكب أية مخالفة أو حادثة سير بفضل سلوكه الحضاري في مجال السياقة الاحترافية.
بدأ عبد الرحمان المزداد سنة 1930 بمدينة خنيفرة، العمل في مجال السياقة وعمره لا يتجاوز العشرين سنة، حيث اشتغل بعد حصوله على رخصة السياقة في صنف الوزن الثقيل سنة 1949 كمساعد ميكانيكي ثم سائق شاحنة لينتقل بعد ذلك للعمل كسائق لنقل المسافرين في مجموعة من الخطوط داخل المغرب وخارجه.
وعن مساره كسائق مشهود له بالحنكة والحرص على سلامة الركاب، قال عبد الهادي جيدان رئيس وكالة أسفار بالمحطة الطرقية ببني ملال إن بلادي كان يحرص دوما على راحة الزبناء أثناء الرحلات التي يؤمنها بفضل الخبرة التي اكتسبها طيلة مساره المهني الذي توج بحصوله على وسام الاستحقاق الوطني من درجة فارس خلال حفل تكريمي نظم بمدينة بني ملال سنة 2008 عرفانا له بالخدمات التي قدمها في مجال السياقة.
وأبرز جيدان، أن بلادي تمكن من تحطيم رقم قياسي في مجال السياقة بتسجيله حوالي 8 مليون كيلومتر خلال 62 سنة من مساره المهني بدون ارتكاب أية حادثة أو مخالفة، مشيرا إلى أن مهنيي النقل يعتبرونه نموذجا يجب الافتخار به والاقتداء به لحرصه على احترام قانون السير وتعامله المتميز مع الزبناء.
وأكد أن بلادي يستحق المزيد من الاهتمام من طرف المتدخلين في قطاع النقل خاصة أن معاشه الضئيل لا يلبي حاجياته، داعيا أيضا إلى إشراكه في جميع التظاهرات المتعلقة بالسلامة الطرقية من أجل الاستفادة من تجربته للمساهمة في التقليص من نسبة حوادث السير.
وفي شهادة مماثلة، أكد أحد السائقين بمحطة بني ملال في تصريح مماثل أن قطاع النقل سيظل يفتخر ببلادي لعطائه المتميز وأخلاقه النبيلة ومسيرته المهنية الناجحة التي طالما ضرب بها المثل في جميع المحافل الوطنية.
وأضاف أن دور بلادي لم يقتصر على مجال السياقة فحسب، بل شمل أيضا تحسيس السائقين وتوعيتهم في جميع المناسبات خاصة في اليوم الوطني للسلامة الطرقية بكل ما يتعلق باحترام قانون السير، مشيرا إلى أن هذا الأخير يحظى بتقدير خاص من طرف المسؤولين والفاعلين المحليين والسائقين.
ويؤمن عبد الرحمان بلادي الذي استقر بمدينة بني ملال سنة 1980 مع أسرته الصغيرة التي تتكون من 13 فردا بأهمية تكريس الوعي الجماعي من أجل إحداث تغيير في سلوك السائقين ومستعملي الطرق ونشر ثقافة التسامح وفرض احترام قانون السير لوقف النزيف على الطرق الذي تترتب عنه مآسي اجتماعية.
وأبرز أنه تعرف من خلال الرحلات التي كان يؤمنها بين المغرب وأوروبا ( إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا وهولندا والبرتغال) على سلوكات السائقين بالدول الأوروبية في مجال احترام قانون السير، خاصة وأن بعض الأسفار كانت تدوم في بعض الأحيان حوالي 40 يوما.
ومن بين الطرائف التي عاشها بلادي سنة 1997 ولادة امرأة أثناء الرحلة التي كان يؤمنها ما بين مدينتي بني ملال وأكادير، حيث قدم رفقة مسافرات المساعدة اللازمة للأم، قبل أن ينقلها إلى المستشفى، بل أكثر من ذلك جمع مبلغا ماليا " كزرورة "من المسافرين انسجاما مع التقاليد المغربية السائدة. ولذلك وعدت الأم بإطلاق اسم السائق عبد الرحمان على مولودها عرفانا بجميله.