كان الخجل بادياً على وجوههنّ عندما وقفْن في صفّ متناسق على المنصّة أمام الجمهور؛ يمدّ منشّط الحفل الميكروفون ويسأل إحداهنّ عن اسمها، وعن شعورها وهي تشارك في مسابقة "تكْلّيتّْ أوفولكي نيمازيغن" (ملكة جمال الأمازيغ)؛ تغضّ الشابة بصرها وتجيب بكلمات مقتضبة، ومرتبكة، يعلّق منشّط الحفل: هذا شيء طبيعي، إنّه سِمَة من سمات حياء المرأة الأمازيغية.
بهذا المشهد بدأت مسابقة اختيار ملكة جمال الأمازيغ، التي تُنظّم لأوّل
مرّة في المغرب، تزامنا مع الاحتفال بالسنة الأمازيغية 2964. المسابقة،
نظّمها نادي الحفلات والسهرات الموسيقية (Club de Concerts Soirées
Musicales)، التابع للجامعة الدولية بأكادير UNIVERSIAPOLIS، مساء يوم أمس
الجمعة
من بين الشروط التي وضعتها اللجنة المنظمة للمسابقة، تقول فتيحة شفيق في حديث لهسبريس، أن يكون الزيّ، مُستمدّا من منطقة أمازيغية معيّنة، سواء من حيثُ اللباس، أو الحليّ، أو الحذاء، فكلّ منطقة من المناطق الأمازيغية لنسائها زيّ معيّن، وعلى المتباريات على نيل لقب ملكة جمال الأمازيغ أن يلتزمن باحترام هذه القاعدة.
تتقدّم أمام فتيحة شابّة رفقة أمّها، بزيّ أمازيغي، بعد النظرة الأولى، لاحظت المشرفة على التحكيم، أنّ الشابة ترتدي حذاء ذا كعْب عالِ "Talon"، فطلبت منها أن تستبدْله بحذاء أمازيغي "أداكو"؛ وعلى الفور تنصرف أمّ الشابة المتبارية على لقب ملكة "Miss Amazighue"، لتأتي بـ"أداكو"، ليصير الزيّ الأمازيغي لابنتها مستوفيا لجميع الشروط.
مُضافا إلى ذلك، يضيف بلبيضة، تهدف المسابقة إلى التعريف أكثر بالثقافة الأمازيغية، التي تختزن موروثا ثقافيا مهمّا، في علاقته بالمرأة الأمازيغية، سواء من حيث اللباس، أو من حيث الحليّ، الذي يتّسم بالتعدّد والتنوّع، "ونريد أن نبرز هذه الأشياء الجميلة في ثقافتنا، للتعريف بها أكثر".
لا تقتصر المشاركة في مسابقة ملكة جمال الأمازيغ، على الفتيات اللواتي يتحدّثن الأمازيغية لوحدهنّ، بل هي مفتوحة في وجه حتى من لا يتحدّث بها، يقول محمد بلبيضة، إنّ عبارة ملكة جمال الأمازيغ، لا تعني بالضرورة أنّ المسابقة مقتصرة على من لهنّ لسان أمازيغي، بل مفتوحة أمام غير الناطقات بها أيضا.
بعد وصلات موسيقيّة، طُلب من المتباريات العشْر على لقب "تكْلّيتْ أفولكي نيمازيغن"، أن يصعدن إلى المنصّة؛ اصطففن في صفّ متناسق، بزيّ أمازيغي موحّد، من الحذاء إلى الحليّ الموضوعة على الرؤوس، وكلّ واحدة منهنّ تحمل رقما، في انتظار أن يحكم الجمهور، ويفصل في الفائرة بلقب ملكة جمال الأمازيغ.
بعد أن قدّمن أنفسهنّ، طُلب من المتباريات أن يتقدّمن نحو الجمهور، من أجل إتاحة الفرصة للحاضرين لرؤية الزيّ والحليّ بشكل أكثر وضوحا؛ في تلك الأثناء، طلب من الجمهور أن يختار المتبارية التي يراها أهْلا بحمل اللقب.
أسماء سارح، المتوّجة بلقب "تكْلّيت أوفولكي نيمازيغن"، تنحدر من قبيلة "إداوْسملال"، تبلغ من العمر 19 سنة، وتدرس في السنة الثانية جامعي، شعبة الحقوق، وسبق لها أن كانت وصيفة ملكة جمال أكادير، لسنة 2014.
مسابقة ملكة جمال الأمازيغ بأكادير، عرفت حضور ممثّل عن أمازيغ كردستان بالعراق، الذي كان في زيارة إلى أكادير، وحضر المسابقة، حيثْ أنيطت به مهمّة تسليم الوشاح إلى الفائزة باللقب، إضافة إلى لوحة تذكارية.
وكعادة الأمازيغ في احتفالات رأس السنة الأمازيغية، خصّصت اللجنة المنظمة لمسابقة ملكة جمال الأمازيغ، التي قال محمد بلبيضة إنها ستكون تقليدا سنويّا، جائزة للجمهور، تسلّمها الشخص الذي عثر على "أغْرمي" (عظم الثمر) المخبّأ في أحد أطباق "تاكلّا" (العصيدة)، التي اختتمت بها المسابقة، ونال لقب "محظوظ السنة"، فيما لم يتمّ الكشف عن قيمة جائزة الفائزة بلقب ملكة جمال الأمازيغ، إذا قال بلبيضة إنها ستكون جائزة رمزية، "وما يهمّ هو اللقب".
وخصّص مسوؤلو اللجنة المنظمة للمسابقة جزءً من ريع مسابقة ملكة جمال الأمازيغ، لقافلة تضامنية ستنظمها جمعية إشراقة الأمل بمدينة أكادير، لفائدة ساكنة أحد الدواوير نواحي المدينة.